عنوان القصة: "قناة المصريين: ملحمة العبور الجديد"
المقدمة
في أرض الكنانة، حيث يمر التاريخ من بين ضفاف النيل، وحيث نقش الفراعنة ملاحمهم على الحجر، كانت هناك قناةٌ تربط الشرق بالغرب، وتصل الماضي بالحاضر. إنها قناة السويس، الشريان الذي جرى في قلب الوطن، يحمل أحلام المصريين في نهضتهم.
لكن القدر شاء أن يكتب لمصر عبورًا جديدًا، لا بالسلاح وحده كما في أكتوبر، بل بالعقل والإرادة والعمل. وكان المهندس حسب الله الكفراوي صاحب الحلم الكبير، حلمٌ عرضه على الرئيس السادات، ثم على الرئيس مبارك، لكن لم يأتِ أوان تحقيقه إلا في عهد البطل عبد الفتاح السيسي، حيث صنع المصريون معجزتهم بأياديهم، بتمويلهم، وبإصرارهم الذي لا يعرف المستحيل.
---
الفصل الأول: فكرة تولد من العبقرية
في سبعينيات القرن الماضي، كان المهندس حسب الله الكفراوي وزيرًا للإسكان، يحمل بين جنبات عقله حلمًا يراوده، حلمٌ بقناةٍ جديدة توازي القناة القديمة، تسرّع الملاحة، وتزيد من دخل مصر، وتجعلها مركزًا عالميًا للتجارة.
وقف أمام الرئيس السادات، وعرض فكرته، لكن الظروف السياسية والاقتصادية لم تسمح بتنفيذها آنذاك. لم ييأس الكفراوي، فقد كان يرى في الفكرة مستقبلًا لمصر، تمامًا كما رأى الفراعنة مستقبلهم في بناء الأهرامات.
ومرت السنوات، وعرض الفكرة على الرئيس مبارك، لكن الرياح لم تكن مواتية، فظل الحلم قابعًا في دفاتر المشاريع المؤجلة، ككنزٍ ينتظر من ينفض عنه الغبار.
---
الفصل الثاني: القرار الحاسم
جاء عام 2014، وجاء معه قائدٌ حمل على عاتقه إعادة بناء مصر، الرئيس عبد الفتاح السيسي. وقف أمام المصريين، وأعلن أن القناة الجديدة لن تُبنى بتمويل أجنبي، بل ستكون "قناة المصريين"، بأموالهم، بسواعدهم، وبإرادتهم التي لا تلين.
فتحت البنوك أبوابها، وهرع المصريون للاكتتاب، كلٌ يضع ما يستطيع، حتى جمعت الدولة 64 مليار جنيه في أسبوعٍ واحد، كأنها رسالة للعالم: "نحن المصريون، لا نعرف المستحيل."
🔹 من القرآن الكريم:
> "إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ" (آل عمران: 160)
---
الفصل الثالث: السواعد المصرية تصنع المستحيل
بدأ العمل، وجاء المهندسون والعمال، رجالٌ لا يعرفون النوم، يسابقون الزمن لإتمام المشروع في عامٍ واحد، رغم أن العالم كله كان يتوقع أن يستغرق العمل ثلاث سنوات على الأقل.
عملوا تحت الشمس الحارقة، رفعوا الرمال، حفروا بأيديهم، وشيدوا مجدًا جديدًا لمصر. وكانت إرادتهم تتجلى في كلماتهم:
"احفر هنا، فالأرض تشهد،
إن العبور لنا للأبد.
إن القناة قلوب الرجال،
جسرٌ عبرناه رغم الحسد."
وكانت مصر كلها تتابع الحدث، تترقب اليوم الموعود، حيث يفتح الشريان الجديد، ويعلن المصريون أن قناة السويس لم تعد مجرد ممر، بل أصبحت رمزًا للكرامة، والعزة، والاستقلال الاقتصادي.
🔹 من القرآن الكريم:
> "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ، أُو۟لَٰئِكَ ٱلْمُقَرَّبُونَ" (الواقعة: 10-11)
---
الفصل الرابع: يوم العزة والافتتاح الأسطوري
في السادس من أغسطس عام 2015، اجتمعت مصر كلها، العالم كله يشاهد، والسفن تبحر في القناة الجديدة، والمصريون يرفعون رؤوسهم بفخر، كأنهم يعبرون للمرة الثانية بعد عبور أكتوبر.
وقف الرئيس السيسي وسط الرجال، ونظر إلى عيونهم، وقال لهم: "أنتم الذين صنعتم التاريخ، أنتم الذين أثبتم أن مصر لا تموت."
وفي السماء، كانت الطائرات تحلق، وفي القلوب كانت الفرحة تشتعل، وفي الدفاتر كُتب هذا اليوم بحروفٍ من ذهب:
"هنا قناة المصريين،
هنا مجدٌ لا يلين.
حفرناها بعرق الجبين،
فأصبحت لمصر الحصين."
🔹 من القرآن الكريم:
> "إِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْرًا، فَإِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْرًا" (الشرح: 5-6)
---
الخاتمة
وهكذا، تحقق الحلم، وأصبحت قناة السويس الجديدة شاهدًا على عبقرية المصري، وعلى إرادته التي لا تنكسر. إنها ليست مجرد قناة، إنها رمزٌ لقوة شعب، وعظمة حضارة، وعنوانٌ جديد لمصر التي تعبر دائمًا نحو المستقبل.
---
رسالة القصة
هذه القصة ليست فقط عن قناة السويس الجديدة، بل عن المصري الذي لا يعرف المستحيل. المصري الذي صنع الأهرامات، وبنى السد العالي، وحفر قناة السويس، ثم عاد ليحفر قناةً جديدة بيديه. إنها رسالةٌ للأجيال القادمة:
"إذا أردت النجاح، كن مصريًا في عزيمتك،
وإذا واجهت الصعاب، تذكر أن أجدادك صنعوا المستحيل."
---
بقلم الادبية المصرية
هدي أحمد شوكت
62/ 2 / 2025