د.عزالدّين أبوميزر
مِنْ عَيْنِ الذّئْبِ ...
خَرَجَ الأسَدُ وَفِي صُحبَتِهِ
ذِئبُ الغَابَةِ وَالثّعلَبْ
فِي يَوْمٍ لِلصّيدِ جَمِيعًا
وَالصّيدُ وَفِيرٌ لَا يَنضَبْ
فاصْطَادُوا هُمْ بَقَرَةَ وَحشٍ
وَتَلَوْا بِغَزَالٍ وَبِأرنَبْ
اعتَدَلَ الأسَدُ أمَامَهُمَا
وَهُوَ بِعِزّتِهِ مُعجَبْ
وَدَعَا الذّئْبَ وَقَالَ اقْسِمْ
وَاحكُمْ بِالحَقّ وَلَا تَرهَبْ
صَمَتَ قَلِيلًا ثُمّ إلَيهِ
التَفَتَ بِعَيْنَيْهِ وَقَطّبْ
قَالَ الأضخَمُ جِسمًا أنتَ
وَحَقُّكَ بِالبَقَرَةِ أوْجَبْ
وَالثّعلَبُ أصغَرُنَا جِسمًا
وَبِنَظَرِي يَكفِيهِ الأرنَبْ
وَأنَا الأوسَطُ يَكفِينِي
لِلوَكرِ غَزَالِي أنَا أسَحَبْ
فَاقتَلَعَ الأسَدُ بِمِخلَبِهِ
عَينَ الذّئبِ بِغَيرِ تَعَبْ
وَالْتَفَتَ إلَى الثّعلَبِ فِي الحَالِ
وَعَينُ الذّئبِ عَلَى المِخلَبْ
وَدَعَاهُ لِيَقسِمَ مَا صَادُوهُ
فَأبْدَى الدّهشَةَ وَاستَغرَبْ
وَأجَابَ السَيّدُ أنتَ لَنَا
وَلَعَمْرِي الأمّ لَنَا وَالأبّْ
وَأقَدّمُ نَفسِي لَكَ إنْ جُعتَ
أقَلّ قَلِيلٍ لَكَ تُوهَبْ
وَالحِكمَةُ لَا القِسمَةُ تَقضِي
لِفُطورِكَ أنتَ أرَى الأرنَبْ
وَالبَقَرَةُ تَكفِيكَ غَذَاءً
مُكْتَنَزُ اللّحمِ بِهَا أطيَبْ
وَغَزَالُ الأيْكِ نُعَلّقُهُ
لِعَشَاكَ يُؤَخّرُ وَيُعَقّبْ
فَابتَسَمَ الأسَدُ وَقَالَ لَهُ
مَا أجْمَلَ مَا قُلْتَ وَأعجَبْ
لَكِنْ مِن أيْنَ أتَيتَ لَنَا
بِالمَنطِقِ هَذَا السّهْلِ الصّعبْ
مِن عَيْنِ الذّئْبٍ أخَذْتُ الحِكمَةُ
قَالَ وَأُخْرَى تَتَرَقّبْ