recent
أخبار ساخنة

تجاوز المعقول إلى اللامعقول .. للأستاذة. للإيمان الشباني

تجاوز المعقول إلى اللامعقول
 بدعوى الحب من الأمور المغلوطة في التربية اللامدروسة، فكثيرًا ما نجد أخطاء ترتكب بطريقة غير مباشرة أو بدعوى المحبة للأبناء، كأن نتجاوز أمورًا يجب أن تصلح في بدايتها حتى لا تتفاقم ويظن الابن أو الابنة أنها من حقوقهم. على سبيل المثال، حينما يتجرأ التلميذ على أستاذه أو يخطئ في حقه وتصل الشكوى إلى الأم أو الأبوين، فيتصرفان ضد ما وصلهم بدافع محبتهم له. هذا التصرف قد يسيء إلى المدرس ويجعل نظرة الابن إليه نظرة احتقار، لأننا نرجع الأخطاء إلى ذاك المدرس دون تبيان الحقيقة. وحتى إن كان المدرس هو المخطئ، فهو بمثابة الأب ويجب أن نغرس في أبنائنا احترامه بدلًا من تشويه صورته. كذلك نجد بعض الأدوات التي تظهر لدى الأبناء وليست لهم، ونتغافل عن تواجدها دون السؤال عن مصدرها. هذا التجاهل يعزز لديهم عادة أخذ ما ليس لهم، فيظنون أن الأمر عادي حتى يقعوا في مشكلات أكبر عند الكبر.

للأسف، تقبلنا لبعض الأمور بطريقة غير مشروعة، دون أن نوقفهم أو ننبههم بأن ما لديهم ليس لهم، يؤدي إلى انحرافهم. نجد هذه الظاهرة خاصة عند بعض الأمهات مع أبنائهن، حيث يتجاوزن في أمور لا يحق لهن التجاوز فيها، ويقبلن بها بدوام محبتهم. وعندما تحدث زيارات للأقارب أو الأصدقاء، قد يتصرف الأبناء بشكل غير لائق، كالتفتيش في أغراض الزائرين أو تغيير أماكن الأشياء دون اعتبار لأهل البيت، أو حتى لبس أغراض الآخرين دون استئذان. حينها تحاول الأم أن تصلح الأمر بينها وبين المتضررين دون أن توبخ الطفل أو تعطيه الصواب، ما يجعل الأمر يتكرر. كذلك نجد بعض الآباء والأمهات يتجاهلون تصرفات خاطئة تحدث في الأماكن العامة، مثل أن يأخذ الطفل مأكولات من المتجر دون إذن أو يسرق شيئًا ويخفيه، فتراه الأم ولا تحرك ساكنًا بحجة أنه صغير. هذه الأخطاء، إذا لم تُصحح، تنمو مع الطفل وتكبر حتى تصبح عادة في مراحل متقدمة من العمر.

قد يحدث شجار في المدرسة أو الحي، وعادة ما يرجع الآباء اللوم إلى الآخرين، حتى لو كان ابنهم هو المخطئ، وهذا يعزز لدى الأبناء فكرة أنهم دائمًا على حق مهما فعلوا. بعض الآباء يتدخلون للإصلاح المادي عندما يرتكب أبناؤهم أخطاء جسيمة، فيشترون ضمائر الآخرين للتستر على أفعال أبنائهم، متناسين أنهم بهذا التصرف يميتون ضمائرهم ويشجعونهم على التمادي. هذا النوع من الحب الخاطئ يؤدي إلى ضياع القيم والمبادئ، ويفسد علاقة الأبناء بالمجتمع، ويحولهم إلى أفراد غير مسؤولين يفتقرون إلى الاحترام والأخلاق.

الحب الحقيقي للأبناء ليس في التغاضي عن أخطائهم أو التبرير لهم، بل في تربيتهم على القيم السليمة وتصحيح مسارهم بحكمة وعدل. يجب أن يكون الأهل قدوة صالحة، وأن يعلموا أبناءهم احترام الآخرين وحقوقهم، والتعامل بحزم مع الأخطاء دون قسوة، وبمحبة دون تدليل مفرط. التربية مسؤولية كبيرة تحتاج إلى وعي وحكمة لضمان نشوء جيل مسؤول يعرف الفرق بين الصواب والخطأ.

للإيمان الشباني
google-playkhamsatmostaqltradent