recent
أخبار ساخنة

... الغربة .... للدكتور. حسن ذياب الخطيب الحسني الهاشمي

الغربة

في زوايا القلب تسكن الأشواقُ  
وأنا وحدي، أبحث عن ضوءِ الأفكارِ  
كطائرٍ جريحٍ، يبتعد عن السربِ  
يتوارى خلفَ الغيوم، يئنُّ في الأرجاءِ  
أرى الوجع ينسجُ من خيوطِ الليلِ  
تتراقص أصداء الألم في سماءِ  
لكنني أُدركُ أن الحزنَ مؤقتٌ  
كزهرةٍ تذبلُ، ثم تعودُ للبهاءِ  
في كل تجربةٍ، أجدُ نفسي تنمو  
كشجرةٍ تنبتُ في أرضِ العناءِ  
أُحاربُ الغربةَ، لا أستسلمُ  
فكلُّ جرحٍ يعلمني الفخرَ والعطاءِ  
أتعلمُ أن العقلَ في عمقِ البحارِ  
يعيشُ غربةً بينَ ظلالِ القومِ  
فقد أرى ما لا يراهُ الآخرونَ  
وأحملُ رؤىً تفوقُ حدودَ الزمانِ  
فالحياةُ دربٌ، والمشاعرُ أمواجٌ  
تتلاطمُ في بحرِ الوجودِ  
لكنني أظلُّ، رغمَ كلِّ الأوجاعِ  
أبحثُ عن ذاتي في قلبِ الغربةِ  
فلتكنْ الغربةُ سبيلي نحوَ النورِ  
وليتحطمَ الصمتُ على صخورِ البوحِ  
فكلُّ ألمٍ يحملُ في طياتهِ  
بذورَ النضجِ، وقوةَ الروحِ  
أمضي، وأمضي، نحوَ الأفقِ البعيدِ  
حيثُ أجدُ السلامَ في عمقِ الوجودِ  
فالغربةُ ليست سوى رحلةٍ  
تُعلمني كيف أكونُ، كيف أعيشُ.  

يا من تراقبني من بعيدٍ كالغريبِ  
أنتَ لا تعرفُ عن ثقلِ الأحمالِ  
كيفَ تُسافرُ الروحُ في دروبِ الظلامِ  
وتمضي برغمِ كلِّ الأهوالِ  
في كلِّ قطرةِ دمعةٍ، حكايةٌ  
في كلِّ جرحٍ، درسٌ للحياةِ  
أتعلمُ أن الوجعَ يزرعُ الأملَ  
كغيمةٍ تحملُ مطرَ الفرحِ بعدَ السنينِ 
أرى الوجوهَ تتبدلُ، والأحلامَ تتلاشى  
لكنني أُحاولُ أن أُعيدَ بناءَ نفسي  
فليسَ كلُّ مَن يرحلُ يُخلفُ فراغاً  
بل في رحيله، زادٌ من العبرِ يُعنى  
أستندُ إلى قوتي، إلى بصيرتي  
وأفهمُ أن الغربةَ ليست سلبيةً  
بل هي دعوةٌ للتأملِ في الأعماقِ  
وللخروجِ من سجنِ الروتينِ الأجوفِ  
فكلما اشتدَّ الألمُ، نمتُ أكثرَ  
كزهرةٍ تعاندُ صقيعَ الشتاءِ  
أُدركُ أنني قد أكونُ غريباً  
لكنني سأظلُّ أُحاربُ من أجلِ البقاءِ  
فلتكنْ الغربةُ دربَ عودتي  
إلى ذاتي، إلى أحلامي المفقودةِ  
سأعبرُ المحيطاتِ بحثاً عن النورِ  
وأعيدُ بناءَ جسورٍ من الحبِّ والصمودِ  
أيا غربةَ الروح، يا سماءَ الأفكارِ  
أنتِ التحدي الذي يُعلي الهممَ  
فلا أستسلمُ، بل أُمسكُ بزمامِ  
رحلتي نحوَ عالمٍ يفيضُ بالرحمةِ.

أيا رياحَ الحزن، هبي برفقٍ  
على قلبي الذي اعتادَ الصبرَ  
فالزمنُ حليفٌ لمن يُجابهُ  
والأملُ زادٌ لمن يسعى للأثرِ  
لقد تعلمتُ أن الغربةَ ليست وحدي  
بل هي حكايةُ كلِّ كائنٍ على الأرضِ  
فكلُّ منا يحملُ في قلبه سرًّا  
يخفيه خلفَ ابتسامةٍ أو نظرةٍ مكسورةِ  
أصطبرُ على الأوجاعِ التي تُعصفُ  
كالأمواجِ التي تدورُ حولَ الصخورِ  
فكلُّ جرحٍ يُعلِّمني كيف أكونُ  
كشجرةٍ تنمو في قلبِ العاصفةِ  
أرى وجوهَ الناسِ تتلاشى كأحلامِ  
لكنني أُحاربُ لأبقى في الذاكرةِ  
فليسَ كلُّ من يرحلُ ينتهي أثره  
بل يبقى في القلوبِ نجمًا للذكرياتِ  
أتعلمُ أنني في كلِّ غربةٍ أكتشفُ  
عالمًا جديدًا من المعاني والدروسِ  
أتعلمُ أنني في كلِّ لحظةٍ أعيشُ  
أصوغُ من الألمِ لوحةَ الحياةِ الجميلةِ  
فلتكنْ الغربةُ سبيلي نحوَ النورِ  
ولتعطيني القوةَ لأُعيدَ بناءَ ذاتي  
فكلُّ طريقٍ يسلكه القلبُ المنفتحُ  
يؤدي إلى وطنٍ في عمقِ الوجودِ.  
أيا صديقي، لا تخفْ من الغربةِ  
فهي ليست نهايةً، بل بدايةُ الطريقِ  
لنحملَ معًا زادَ الأفكارِ والعواطفِ  
ولنكتبَ قصتنا في صفحاتِ الزمنِ.  

وفي ختام رحلتي مع الغربة،  
أدركتُ أن الحياةَ ليست فقط شقاءً،  
بل هي مزيجٌ من الألمِ والأملِ،  
فرصةٌ لاكتشاف الذاتِ 
في أعماقِ الوجودِ.  
الغربةُ تعلمنا الصبرَ والثباتَ،  
تُكسبنا قوةً من لا شيءٍ،  
تُعيدُ تشكيلَ أفكارنا،  
وتُفتحُ لنا أبوابَ جديدةً للمعرفةِ.  
فلنحملْ في قلوبنا 
شجاعةَ مواجهةِ الألمِ،  
ولنُسخر تجاربَنا 
لنُضيء دروبَ الآخرين،  
فالعالمُ يحتاجُ 
إلى أولئك الذين يجرؤونَ  
على الغوصِ في 
عمقِ التجربةِ الإنسانيةِ.  
أيا غربةَ الروح، يا رفيقةَ الدربِ،  
ستظلُّين جزءًا من رحلتي،  
فلكلِّ غريبٍ حكايةٌ،  
وكلُّ حكايةٍ تحملُ في طياتها 
دروسًا لا تُنسى.  
فلنُعلنْ أن الغربةَ ليست نهايةً،  
بل هي بدايةُ فصلٍ جديدٍ من الحياةِ،  
حيث نكتشفُ أنفسنا، 
ونُعيدُ بناءَ أحلامنا،  
ونعيشُ في عالمٍ 
مليءٍ بالأملِ والتغييرِ.  
بقلمي الشريف د. حسن ذياب 
الخطيب الحسني الهاشمي
google-playkhamsatmostaqltradent