صدى الليل
تسألني الخود وما درت
بما فعلت بي صروف الأيام؛
لا العين المسهدة بالدمع تجود
ولا الجفن راقه دفء المنام ....
مات يا أخية فينا الإتسان
ودُفن بريق الوئام ،
وُئِد الحلم وانتحرت على شفاه
الزمان أزهار الذِمام .
يا جارة الهمِّ اتّـــئِـدِي
لا أنا اليائس من أمسي
من همسي ، من طعام خُرْسِي
ولا أنا المتشائل كبقية الأنام ،
أنا الكسيح في زمن الكره
وبجرحي تحديتُ وطأ
الخطوب الجسام ،
نزيفي قصائد للعشاق
للحماق أخُطّها قلادة
على جيد أحبتي دررا
إذا عزّ حضور الوسام ،
ولا أبالي بلوم لائم لئيم
وبقول من لا يفقه حرّ الفطام ....
فتيممي من الغدر،
من النظر الشزر
من دَرَنِ القهر بريق الحمام.
يمِّمِي شطر قلبي
وصَلّي ورائي قداس الغرام ؛
لا ماء في دروبنا طهور
لا عصرنا الهمجي سرور
ومراكب الهوى
هوت في يم الكلام.
ليست لي الأن
إلا قصيدة تغسلني بِبَرَدِ التّوْقِ
من أمشاج الرتابة
والرقابة والاغتراب ولجة الخصام؛
ليس لي الآن إلاّك
سبحان من سواك
من على عرش المنى أعلاك
ليس لي الآن إلاّكِ
وصدرك العاري الممهور بالدهشة
لما استبدت بي تخمة الظلام ...
لا تسافري بعيدا عني عنك
عن نوافذ الشِّعر
عن نوافل البحر
وأطلقي سراح الشَّعر
من سجنه لتبني أعشاشها
على حاجبيك عصافير الأحلام.
كم كان الماضي جميلا بلا قيود
كم كان زق الحب عذبا بلا حدود
كم كان الشَّعر حرا تتلاعب به
نسائم الفجر دون الآنام....
أطلقيه ولتشتعل النار
في جسدي صبابة
علني أصير فحما
يستجدي مزن الغمام .
لست تقيا
لأراكِ بثوب الرهبان
ترقصين على جمر السؤال
على خمر الضيم والمحال
ذبيحةً على حد السيف والحسام؛
لست شقيا
لأتقمص صورة دون كيشوت
يحارب طواحين الوهم
بصدأ الأعلام
ولا صورة كازانوفا
يشعل في الأجساد
فتيل الضِرام ؛
لست نقيا
لأترك الوجع بين عينيك
كالسَّم الزؤام .
أنت العائدة من أتون الورم
أنت وأنا صنوان
غريبان في معبد الأشجان
في عتمة الزمان واللا مكان
قد هدت فوقنا دعائم الأركان ،
والقصيدة أنتِ
حين تصعد الآهات من الوجدان
حين يجتاحك جنون الأقلام ..
تُمسكين بكفيك مناديل الرب
وترتلين وحدك سِفْر الوجود
على حائط الهيام ؛
وأنا بين سطوري
فقدت اريج عطوري
دخان بخوري
أبحث عنّي في طقوس الغياب
في أنشودة طفل
يتغنّى ناحبا بطيب التراب
باجتياح العذاب ...
يعريني من جبة خجلي
كأس الحنين إليّ
وكأس المدام
وحين أصحو نبتعد قليلا
عن ذواتنا
عن أناتنا عن حياتنا
نسهر طويلا على سعير الذكريات
كي تغني لنا النايات
على أوتار الوجد
مزامير الشوق
حين تتدفق دمعا
سيلا زفرة المسام
فنامي .....
على خد الياسمين
على ذراع رُسُل البِشْر والحالِمين
وبدين عشتروت وما خلدته للعالمين
لا تكذبين ... لا تكذبين ...
نامي على لحاف الأمان والسلام ؛
نامي على نهد الرياح
كي يرضع جنين الروح فيك
وينفخ الخفقان في بطن العشق الحُذام .
لك ركعتان :
ركعة على جمرة الأحزان
ركعة على ساحل الأوزان
ولي أن أعلل نفسي
من ظلم أمسي بالمستحيل
وأكبح أمنيتي
علّهاَ تمطر عين الجِهام ؛
نامي قليلا على صدر النجوى
على حبل البلوى
قد نصحو غدا على بوح
وقد جاءه المخاض المُضِنَى
ليٌشْفى بسحر الأنغام
نامي قليلا طال السهر
وهزي بجدع البيان
تتساقط على جسدك
القوافي كحباء الكرام
نامي سُرَّ من رآك
والدهر قد قَلاكِ
سر من رآك بعد اللوعة
نجمة تقبلها ألحان السماء
وترددها وشما شفاه اليمام .
سر قلبي الذي رآك
فلا تسألي... أنا الآن
على ما يرام
من مطلع محياك
إلى انشراح فؤادي المضام ....