---
دم الكتابة
لبديع عاصم الزمان
كلّما هرب دمي وجَرى بحبر دواتي
أسأل الحرف عن سرّ جماله مواقِعِ
أفي كَتمٍ تألّقَ؟ أم بنبضِ فراستي؟
أم بنارٍ خبّأتها في خريفِ مودّتي؟
كلّما خطّ سكوني، سال وجهي بضحكتي
هل أنا الكاتبُ، أم أن القصيدَ كتَبْتني؟
القصيدُ مرآتي، والقلمُ أخلاقي
إن شططتُ بحرفٍ، قوّمني إشراقي
ليس لي غيرُ دمي نافذةً لأعماقي
فإذا نزفتُ، سكتُّ... وإذا كتبتُ، باقي
ولربي كلّ حرفٍ، كلّ نَفَسٍ بواقي
كلّ حرفٍ شاهدٌ، إنّي على ميثاقي
كلّما هربَ الدمُ وجَرى بحبرِ دواتيَ
سألتُ الحرفَ عن سرٍّ يُضيءُ جهاتيَ
أفي صمتٍ تألّقَ أم بنبضِ فراستي؟
أمِ اشتعلَتْ به نارٌ بخَريفِ نجاتيَ؟
إذا خطّ السكونُ، بدتْ ملامحُ بهجتي
فهلْ أنا الذي أكتبْ؟ أمِ القصيدُ صفاتي؟
قصيدي مرآتي، والقَلمُ أخلاقيَ
إذا زَلّتْ حروفي، ردّتِ الإشراقيَ
وليسَ سِوى دمي بابًا لأعماقيَ
إذا نزفتُ، صمتُّ، وإن كتبتُ، بقيتُ
وللرّحمنِ حرفي، والنفَسْ وُثْقاتي
وشاهِدُ كلّ بيتٍ: أنني في عهديَ
باقٍ
كلّما هرب دمي وجَرى بحبر دواتي
أسأل الحرف عن سرّ جماله مواقِعِ
لا رأيَ في الظن،
ولا للحيرةِ طريقٌ مسلوك.
والديار لا تُذكرُ إلا مكةَ والمدينة،
حين تتجلّى القدسُ في عينٍ شاءت لها السماءُ البصيرة.
كلّما هربَ الدمُ وجَرى بحبرِ دواتيَ
سألتُ الحرفَ عن سرٍّ يُضيءُ جهاتيَ
فهل قلتُ؟
اللهم لا تجعلني في الرأيِ ظنًّا،
ولا في الحيرةِ دربًا أو فنًّا،
ولا ديرةَ لي سوى مكةَ والمدينة،
إذا ما القدسُ تجلّى في نورِ المشيئة