recent
أخبار ساخنة

قطار أحلامي ..... للأستاذ. ربيع دهام

ماذا أفعل بصوتي، بصمتي؟
بحياتي وبموتي؟
ماذا أفعل بحزني...بفرحي؟
 بضحكتي وبحسرتي؟
ماذا أفعل وكلُّ ما حولي بات يشبه كلَّ ما حولي. 
وكلُّ ما في داخلي يشكي ويتأفّف، ويلعن ويكفر، ويجترُّ 
قوتَه من علف الأوقات. 
ماذا نسمّي حياةً، تسير كلّ نفسٍ فيها، في طابور المومياوات؟
ماذا أفعل بالعيشِ إذا كان العيشُ ركضاً وراء رفاة،
أو لملمةِ ما تيسّر من فُتاتْ؟
ماذا أفعل وكلّ من معنا صار يشبهنا، وكل من ضدّنا أيضاً يشبهنا، والفرق الوحيد بين أنا وذاك، وهذه وتلك، هي بصمة إصبعنا؟
الكلمات المُستعملَة هي هي.  
الشفاه المنفوخة هي هي. 
والأرواح المحنّطة الرتيبة، والبسمات "المفيّمة" الكئيبة، 
 والطوائف التي فرّقت بين القلوب القريبة.
حتى العيون... أين، أين هاتيك العيون؟
أين الشعر والغزل؟ والغمرة تحت نظرات القمر؟
 بذور حياةٍ منّا اجتُثَّت، كما تَجتثُّ الديدان أعضاء الجثث المرميّة.  
أين...أين النفوس الأبية؟
والأعياد والقداديس والصلوات؟
أبقي منها غير شعارات...شعارات...شعارات؟!
وتمرُّ أيامٌ وتختفي أيامٌ، وما زلتُ... 
ما زلتُ أنتظركِ على قارعة الحريق. 
أنتظرك مثل بحرٍ وغريق. 
أنتظرك،
والحلم على أجنحة الحبّ بي يمضي،
والليل مثل الحب يمضي.
أنتظرك وكلُّ،كلُّ شيء، مثل كلِّ شيءٍ، يمضي.
وما زال قطارك، في الأفقِ البعيد يلوحُ.
ألمح دخانه من بعيد فيتلاشى من مهجتي الضباب. 
أسمع هدير محرّكه، فيتحرّك فيلق إحساسي. 
ها هي طقطقة عجلاته على قضبان الوريد. 
ها صرير المكابح يوقف في العمرِ تقدّمي. 
وها هي صفارته تصفعني، فتنتشل سباتي من سباتي.
وأترك جسدي ورائي وأركض. 
أركض إليك
إلى ذراعيك
وأضيع بين بابٍ وشبّاكِ
أفتح البابَ لألقاكِ، 
وأراك، لكنني لا، لا أراكِ. 
هذه أنتِ...نعم أنتِ!
لكنكِ لست أنتِ!
وهذا أنا...نعم أنا!
لكنني لستُ أنا!
وهذه الدنيا...نعم الدنيا!
لكن الدنيا، كل الدنيا، تغيّرت. 
أم نحن قد تغيّرنا؟ 
وأبحث عنك، في عينيك أنت، ولا أرى فيها إلا السراب...
وأعود...أعود إلى داخلي. إلى قوقعتي. 
أعود إلى عزلتي.
مثل صَدَفة حلزونيّة.
مثل أحلامٍ منسيّة.
مثل وردةٍ في مزهريّة. 
مثل ... مثل كل شيءٍ حولي.

(قطار أحلامي/ ربيع دهام)
google-playkhamsatmostaqltradent