ضاعت المناهج
لماذا تتعـثر المساعي وتسوء الأحوالُ
ولماذا تتأبد العراقيل فلا تثمر الأعمالُ
ولماذا يكثر الخداع ولا تصدق الأقوالُ
أنصحك ألا تسأل ربما لا يُفهم السؤالُ
*******
فالناس لا يدركون ما هم فيه من خللِ
وربما قد تعودوا على استمرار الفشلِ
وأشد ما يعاني الناس هو مشقة المللِ
وهذا منبعه قلة النشاط وهيمنة الكسلِ
*******
ولا تنسى تعدد المغريات وشدة الطمعِ
فالحياة تعقدت والنوايا فسدت بالجشعِ
وغاب الصبر والاعتدال ولا من مقتنعِ
فلا تسمع غير هات بالتأجيل في الدفعِ
*******
ألا ترى أن أغلب الناس أصبح مرتهنًا
ولا أحد في شؤونه يبدو واثقا ومتيقّنًا
لأن أكثر تفكيرنا وسلوكنا صار متعفّنًا
فتكون سعيدا لو لقيت مخلصا أو أمينًا
*******
نود فوق حاجتنا ونتهافت على المزيدِ
ويغـرينا الاستهلاك ولو كان غير مفيدِ
ونحن وبكل أسف نعجز عن أي تجديدِ
لأننا مصفدون بثقافة العادات والتقاليدِ
*******
وهذا الواقع أمامك يرشح بما لا يُفرحُ
وها نحن على المهازل نمسي ونصبحُ
ونعيش كالبلهاء وعلى كل حبل نترنّحُ
ولا نتوقف عن التحيل ونبتهل ونسبّحُ
*******
أليس الله غـفورا ونحن أولى بالرحمةِ
فالرسول حبيبنا وهو حامينا من الغمّةِ
وراعـينا من دون الأمم في كل ملحمةِ
وهل يخيب من يدعو الله وشفيع الأمّةِ
*******
ولكن ما العمل إذا فسد الفكر والضميرُ
وساءت النفوس واختل الظن والتدبيرُ
فهل يتأخر عـنا التأزم والعيش العسيرُ
وما ندعيه من إيمان هو خداع وتبريرُ
*******
لقد تلوثت فينا جل المشاعر والمداركِ
وقد صرنا في توتر ولا نهاية للمعاركِ
وكأنّا فقدنا العقل واتبعنا نهج المهالكِ
وضاعت جل المناهج وجميع المسالكِ
الهادي المثلوثي / تونس