د.عزالدّين أبوميزر
الأَفْعَى وَالمِنْشَارْ ...
قَالُوا فِي الْقَصَصِ بِأَنْ أَفْعَى
دَخَلَتْ مِن ثَقْبِِ تَحْتَ جِدَارْ
فَرَأَتْ بُسْتَانََا مَا فِيهِ
يَخْتَلِبُ مِنَ الْعَيْنِ الإبْصَارْ
رَائِحَةُ الزّهْرِ كَعِطْرِِ فَاحَ
فَمَلَأَ شَذَاهُ كُلَّ مَسَارْ
وَالشَّجَرُ ظِلَالٌ وَارِفَةٌ
يَتَدَلَّى مِنْهَا الْخَيْرُ ثِمَارْ
وَجَدَاوِلُ مَاءِِ يَسْقِيهَا
لَا مَوْجٌ فِيهِ وَلَا تَيَّارْ
يَتَرَقْرَقُ فِيهَا حَيْثُ يَمُرُّ
مُرُورََا كَالْفَلَكِ الدَّوَّارْ
وَيَحَارُ الْمَرْءُ بِمَرْآهُ
وَالْحَقُّ لَهُ فِي أنْ يَحْتَارْ
وَالأَفْعَى كَالإِنْسَانِ احْتَارَتْ
لَكِنْ تَخْتَلِفُ الأدْوَارْ
فَالْمُخْلُوقَاتُ جِبِلَّتُهَا
هِيَ بَحْرٌ لَكِنْ دُونَ قَرَارْ
وَلِكُلِِ مِنْهَا رَدَّةُ فِعْلِِ
لَا يَحْكُمُهَا أَيُّ إِطَارْ
أسْرَعَتِ الأَفْعَى كَيْ تَخْتَبِىءَ
وَتَنْجُوَ مِنْ عَبَثِ الأَقْدَارْ
لَكِنَّ الْقَدَرَ إِذَا مَا وَقَعَ
فَلَيْسَ لِأَحَدِِ مِنْهُ فِرَارْ
فِي لَحْظَةِ مَرّتْ أَدْمَاهَا
نَصْلٌ لَمْ تَرَهُ فِي مِنْشَارْ
أَسْقَطَهُ البُسْتَانِيُّ بِيَوْمِِ
مَّا بَيْنَ الأَشْجَارْ
عَضَّتْهُ لِتَنْفُثَ فِيهِ السُّمَّ
فَإِذْ دَمُهَا فِي فَمِهَا مَارْ
خَالَتْهُ عَدُوََا فَاجَأَهَا
وَعَلَيْهَا قَدْ سَدَّ الأَقْطَارْ
فَبِكُلِّ العَزْمِ عَلَيْهِ الْتَفَّتْ
تَعْصِرُ قَلْبََا فِيهِ ثَارْ
وَلَقَدْ عَصَرَتْهُ وَمَا عَصَرَتْ
إِلَّاهَا فَانْقَسَمَتْ أشْطَارْ
وَإِذَا بِالْمَوْتِ يُعَاجِلُهَا
بِغَبَاءِِ مِنْهَا وَاسْتِكْبَارْ
فَكَثِيرٌ مِمَّا حَوْلَكَ يَجْرِي
لَا يُؤْذِيكَ وَلَيْسَ بِضَارّْ
لَكِنْ وَهْمَكَ هُوَ مُهْلِكُكَ
إِنَ آرْخَى فَوْقَ العَقْلِ سِتَارْ
وَوُجُودُكَ كَيْ يَبْقَى وَيَطُولُ
فَيَجِبُ بِحُسْنِ الرَّأْيِ يُدَارْ
د.عزالدّين