(عيدٌ في حضرة المتنبي)
- ولأن ما بين عيد وعيد
دهرٌ من الحروب والتهجير والفقر والجراح والصديد ٠٠
ولأن ما بين عيد وعيد تدور عقارب الساعة حول محورها ولا تحيد ٠٠
ولأن ما بين عيد وعيد ليس من حلم جديد ٠٠
ولأن ما بين عيد وعيد تظل محرقة القريض تصرخُ هل من مزيد ٠٠
ولأنَّ الخيام تشققتْ بألسنةِ اللئام ٠٠٠ولأن الدار أبلت وما زالت على العهدِ تُضام ٠٠٠ولأنَّ غزة ما زالت تستغيث تحت الركام ولأنَّ ولاة الأمر ما زالوا نياماً ٠٠٠ نيامْ
تحتفي قصيدتي وبكل وقاحةٍ بعيد ميلادها السادسِ من جديد :
(عيدٌ في حضرة المتنبي)
---------------------------------
(عيدٌ بأيةِ حال عدتَ يا عيدُ)*١
بخافقٍ ضامَهُ جرحٌ وتنهيدُ
برشفةِ البؤسِ من جوعٍ ومن عطشٍ
ببسمةٍ خانها وعدٌ وموعودُ
بمئزرٍ دميَ المسفوحُ زركشَهُ
بخطوةٍ كابَرَتْ والعمرُ تبديدُ
أين الصِّحاب ومن نهوى وما حملوا
من ذكرياتِ الصِّبا والأنسُ والغيدُ
بل أينَ مجلسُنا والنايُ يطرِبُنا
يا لمّة الشملِ ما جافاكِ تسهيدُ
يا لمّةَ الشملِ في أندائها دررٌ
كما الزهورِ لها سحرٌ وتنضيدُ
رقَّت وَرقَّ حديثٌ في الهوى وجِلاً
فأثْقَلَتنا تباريحٌ معانيدُ
وساومَتْنا على حُلْمٍ نُوَسِّدُهُ
لَكم تَخَفَّت به سعدى ومسعودُ
يا لمّةَ الشملِ ذكرى الأمسِ تَسحرُني
إذا تبدَّت خيالاً زانَهُ جِيدُ
صَبٌّ وأحملُ في قلبي حلاوتَها
تلكَ الربوعَ وبوحُ الشِّعرِ تغريدُ
وما استَعرْتُ ولا كنَّيتُ في لغتي
لكنَّه الحبُّ إلهامٌ وتجديدُ
حتى بسطتُ على الأحزان قافيتي
فاستنزَفَتني كأني بعدها دودُ
واليوم أضْحَت طلولاً ما لها أثرٌ
بل خيمةً ما لها سقفٌ ولا عودُ
وطعنةُ الشمسِ في أحشائِها وشَمٌ
ورشقةُ الغيمِ أهدافٌ وتسديدُ
وصفعةُ الريحِ نالَتْ من مرابِطِها
فشرذَمَتها وزادَت روعَهَا البِيدُ
ورعشةُ الطفل من برد ومن وجعٍ
وهامُهُ انبَسطَت فيها الأخاديدُ
وأنت أنتَ وهذي الروح في ولَهٍ
فاصبرْ على الدرب ، ما تهوى فمرصودُ
(عيد بأية حال عدت يا عيدُ )*١
فهل لنا حُلُمٌ للعمرِ تجديدُ
في دُجنةِ الليلِ نحيا والمدى قبسٌ
تزمَّلَت روحُنا والقلبُ موءودُ
أسائلُ الدارَ هل في الغيبِ من أملٍ
والدهرُ يلهو بنا أيامُهُ سودُ
فرشقةُ الغدرِ أدناها تؤرِّقُنا
وبطشةُ العُهرِ ترويعٌ وتجريدُ
فلا عَدمتُ من الذكرى وبهجتُها
ممّا مضى فلَها في القلبِ ترديدُ
أنادمُ الدارَ أطلالاً ممزقةً
وفي يدي الكأسُ مجروحٌ ومكمودُ
وحوليَ النارُ من قيض ومن جَمَرٍ
فأستغيثُ ومن يطفي فمفقودُ
ولي بكل صروف الدهر منقبةٌ
ولي على الدهرِ أحمالٌ وتسديدُ
---------
*١: مطلع قصيدة المتنبي الشهيرة