recent
أخبار ساخنة

شَربْتُ المرّ .... للأستاذ. محمد الدبلي الفاطمي

شَربْتُ المرّ 

بِنشْرِ الوعْي يتّسعُ المجالُ
فيـولَدُ منْ ثقــافَتــنا الرّجــالُ
ويحْيا المُلهمونَ بكلّ قُطْرٍ
حياةً تسْتـــقيمُ بها الخــصالُ
فنُبْدعُ بالقرائحِ كلّ خلْقٍ
وفـــي أوْطانـــنا يحْــــلو المـــآلُ
وأمّا الآنَ فالإنسانُ أضْحى
ضعـــيفاً قدْ ألــــمّ به الهُـــــزالُ
كأنّ شُعوبنا نامتْ فهانتْ
وفي أحْــــيائِها كَثُـــــرَ السُّــعالُُ

لماذا نحنُ نبدعُ في الحيلْ
ونؤْمنُ بالخـــداعِ وبالدّجــلْ
هلِ القيمُ استبدّ بها التّدنّي
أم البُلداءُ قد قَــتلوا الأمـــلْ
أجيبوني عنْ سؤالي لوْ سمحْتمْ
فقد كثُرَ الكلامُ بلا عــملْ
أراكُمْ نائمينَ ولستُ أدْري
أهذا حالكُــــمْ أمْ ذا كَســـلْ
تقهْقرْتُمْ فَأَصْبحْتُم عَبيداً
ولا أدْري متـى يأتي الأجـــلْ

حَرامٌ أنْ نعيش على الشعيرِ
ونصْبرَ للأذى صَبْــــرَ الحـميرِ
ألمْ ترَ كيفَ أصْبحنا شُعوباً
تُقادُ مع الوُحــــوشِ إلى السّـعيرِ
تجمّدَ سعْيُنا في كلّ حَقلٍ
وأمسى الكادحونَ علـــى الشّـــفيرِ
وصار الفقرُ مُشتملاً علينا
كأنّ الفــــقرَ أفضـلُ للأجيــرِ
وعندَ النّومِ تنهَزِمُ الأماني
فنُكْثِرُ في الشّـــهـيقِ وفي الزّفيــرِ

بِكُلّيةِ السّجونِ قَرأتُ درْسي
وتحتَ النّائباتِ كســــرتُ رأسـي
شربتُ المُرَّ منْ غضبِ اللّيالي
وضاقَ الصّدْرُ منْ مأساةِ حَبْـســـي
وكنت أرى التّسلّط في حياتي
يُحاصِرُ جُرْعَتي فتَضيقُ نفسـي
وتلكَ دروسُهمْ في السّجنِ كانتْ
وعـبْرَ سَرابِها يزدادُ بأســـــي
وأذكرُ أنّنـــي في كلّ يومٍ
أسافرُ في المآسي عندَ أمــــــسي

بنشرِ الوعْي تنتَصرُ الشّعوبُ
ومنْ هَـــفواتها تصْحو القلوبُ
تدجّنتِ النّفوسُ على التّدنّي
وفي شَركِ الشّمالِ هَوى الجـنوبٌ
وعرْبدَ غيُّـــنا في كلّ فعلٍ
فشاعتْ في مَسـالكنا العـيوبُ
كأنّ شعوبنا فقــــدتْ هُداها
فخافَ النّاسُ وانطــلقَ الهـــروبُ
وفي أوطاننا تجْري المآسي
وشمسُ المـــجْدِ أدْركَها الغـــروبُ

سئمتُ العيشَ في وطنِ الخرابِ
وقد بيعَ القـــــطيعُ إلى الذّئابِ
وأسفرتِ النّــــتائجُ عن بلاءٍ
به الأوهامُ تسْقُطُ في السّـــــرابِ
وسـيقَ الكادحونَ وهمْ رُقُودٌ
إلى عَـــصْرٍ تنوّعَ في الخـــطابِ
وليسَ يَصحّ عندَ النّاسِ شيئٌ
وهمْ سئموا التّلاعبَ في الحـسابِ
كذلكَ يسْتــحيلُ مع التّدنّي
تقـــدّمُ مَنْ تعثّرَ في الكـــــتابِ

سَيسمَعُ صَرْختي البشرُ اللّبيبُ
فَيدرِكُ أنّني رجلٌ غـــــريبُ
أُصِبتُ بنكسةٍ في قعْرِ سِجْنٍ
وتحتَ عَمامتي اشْتعلَ المَــشيبُ
قضيتُ عُقوبةً منْ دون ذنبٍ
فأحْرقني التّســــلّطُ واللّهيبُ
وكان الدّرسُ في حَبسي عَسيرا
فما نفعَ البكاءُ ولا النّـــحيبُ
وفي زَنْزانَتي أمْضيتُ تسعاً
من السّنــــواتِ دَوّنها الرّقيبُ

درسْتُ السّحْلَ في أدَبِ السّجونِ
وكنتُ كمنْ تعلّـــــمَ بالجُنونِ
شَربْتُ المُرَّ منْ خبب اللّيالي
فعشت مكبّلا بأذى السّـــجون
أصارع في النّهار ظنون نفسي
وفي الظّلماء ترعبــــني ظنوني
تكسّرت المآسي فوق رأسي
وفاضَ الدّمعُ فانْتَفــخَتْ جُــفوني
وكان اللهُ فـــي عوْني كريماً
فمرّ البأسُ وانفتــحَتْ عُــيوني

محمد الدبلي الفاطمي
google-playkhamsatmostaqltradent