---
آنِسَةُ الرّوح
لبديع عاصم الزمان
يا آنستي... يا سرَّ مرآتي،
أتنادينني باسم الحقوق؟
وتسألين عن قِسمةِ العدلِ في نُطقي؟
أم أنّكِ آنيةُ السرِّ،
لا تُحتَوى في كأسِ وُدٍّ، ولا في لجّةِ عشقي؟
أنا ما جئتكِ حاملًا ميزاني،
ولا مددتُ إليكِ صحيفةَ سلطاني،
إنما جئتكِ كالماء،
أقسمُ نفسي عليكِ،
كما تنقسمُ الأشواقُ بين العاشقِ والمصلِّي.
إن شئتِ، خذي نصف داري،
بل خذي كلّ الديارِ، وما فيها من سُكون،
خذي مفاتيح قلبي القديمة،
وافتحي بها نوافذ روحي...
علّها تُطلُّ على معنى يكون.
وهَبْتُكِ أبنائي، لا من صُلبٍ، بل من حُلُمي،
بنينًا من نور، وبناتٍ من يقين،
وزدتُكِ عمري، لا كَسِنِي، بل كهالةٍ
تتلوّنُ حول جبهتي حين أدنو من اليقين.
قسمتُ معكِ فراشي،
بل قسّمتُ بينكِ وبيني ظلِّي،
فإذا استرحتِ، كنتِ النور،
وإن نمتُ، كنتِ الحُلُمَ المتجدد في كُلِّ ليلي.
فهل بعد هذا تسألينَ؟
أأنتِ أنثى تطلبُ حقًا؟
أم تجلٍّ… يتلبّسُ الوقت حينًا،
وحينًا يُنسى في طيّ القوانين؟