recent
أخبار ساخنة

سرُّ القلم وبوحُ الحرف ...... للأستاذ.بديع عاصم الزمان

سرُّ القلم وبوحُ الحرف 
محور: "اللغة ككائن حيّ"

جرى مدادُ الحبر، وعلى جرأته فكرٌ وقلمٌ،
وكان السرُّ المصونُ في سطرٍ بلا نون،
ميمٌ يُناجي آفاق نفسي، أقربُ إلى الغيب،
بما أفاضه القلمُ من خبرٍ مكنون.

قضاءٌ وقدرٌ... وقلمٌ معلوم،
في كتابٍ تُسفَرُ فيه إسراءُ الحروف بينَ العروج،
"اقرأ!" كما الغروبِ والشروقِ في تناوب الأسرار،
فتسمو الروحُ بين أممٍ من الحروف،
وتستوعب في أفقِ الفكرِ مفتاحَ لوحِ القلوب.

رأيتُ من روحِ الحرفِ صفاءَ نفسٍ،
بيانٌ في لغةٍ عربيةٍ، صرفٌ وتحوِيل،
والشكلُ معنى، حين يشتبك اللفظُ في الحبك،
ويُنقل الكلِمُ من مواضعِه إلى جوامعِ الكلم،
بلسانٍ عربيٍّ مُبين،
مبنيٍّ على البلاغ، مشبعٍ بالإيحاءِ والمعنى.

كما الأبناء في عيونِ الأمهات،
تحمل الحروفُ في أفواهنا الأملَ والسر،
كلُّ حرفٍ وليدُ فكرٍ طاهر،
يغني اللسانَ، ويزرعُ في القلب نورًا،
يبني المعنى كما يبني الطفلُ عالمه،
ويمضي بخُطى ناعمة، تنمو وتتسارع.

كلُّ حرفٍ نَفَسٌ من روحٍ حيّة،
يتنقّل على اللسان كما الوليدُ بين يدي أمّه،
يرتوي من لغةِ السماء، ويُغذي الأرض،
يسبح في معاني الحياة، يلهو في قلب الزمن،
يهدي الأملَ كطفلٍ رقيقٍ في حضن الحنان،
تتّسع الكلمات ببراءة، وتتبعثر الأحرف كأبناء في الضياء.

وأنتِ، يا لغتي، يا أمَّ الحروفِ الطاهرة،
كيف لا تُشبهين الحياةَ بكلِّ ألوانِها؟
كما يسير الأبناء في دروبٍ طويلة،
يذهبون بعيدًا ليحملوا أسرار العوالم،
فكلُّ حرفٍ منكِ، يا أمَّ الكلمات،
هو حياةٌ تنبض، وحُلمٌ يولد، وتاريخٌ يسكن الذاكرة.

الحروفُ أبناءٌ لا تكبر،
تبقى في الذاكرة، رقيقةً في الأنفاس،
تضيءُ دروبنا كما تضيءُ عيونُ الأمهات،
يا لغتي، يا أمَّ الحروف، يا سرَّ الحياة،
أنتِ الملاذُ الذي نعود إليه،
نلتمسُ فيكِ الفهم، ونرتجي بكِ الهدى.

بديع عاصم الزمان
google-playkhamsatmostaqltradent