recent
أخبار ساخنة

..... اللعنة .... للأستاذ. ربيع دهام

الحجم
ماذا لو أخبرتك بأنّ الجنين الذي الآن في رحمي ليس، ولن يكون أبداً، لنا؟
ماذا لو رميتُ الحقيقة بوجهك، قاسيةً كما هي، جلفةً مثلما هي، 
داعرةً شَبَه هي، وعاريةً مكشوفةً مثل موتٍ، نختبئ منه في غمد الزوايا، فيطلق رصاصاته من غمدنا علينا. 
أليست الحقيقة عارية صادقة، تركن في جحر القلب متوارية؟
 والكذبة داهية لعوبة تحيط نفسها بشتّى أنواع الأقنعة والألبسة؟ 
تتقّن فنون الحجج، وتحترف ألاعيب الألسنة؟ 
ماذا لو قلتُ لك أن حلمَنا أنت وأنا بوطن الإنسان، وعالم الإنسان، 
سيصطدم بألف جدار وجدار، 
وبأنّ أملاً شيّدناه بأوتاد عيوننا، سيقتلعه من جذوره الأخيارُ قبل الأشرار.
وسيأتي، سيأتي غداً من يذبحنا باسم الله ويهلّل، كأنّما أنت وأنا، 
خراف تُعلَف وتُحضّر، بنيّة حسنة، لمذبحةِ "عيد". 
وسيأتي، سيأتي من يقاتلنا بحجّة الطائفة، والحقد قد أعمى بصيرته لسنين.
وسيأتي من يلتهم أحلام أطفالنا بسيوف المذاهب والدين.
نعم يا حبيبي، فأنت وأنا، وأنا وأنت، منقوشة عذابات أقدارنا، مثل الموتِ،
في الشرايين.
أسماؤنا لعنة، عائلاتنا لعنة، شوارعنا لعنة، ضيعنا لعنا، أوطاننا لعنة، 
وهوّيات أكبادنا لعنة. 
غداً سيغتصب أولادُ اللعنة وأجدادها وليدَنا الجديد. وسيحلّلون أمام
الله دمه، وسيعرّضون عقله للسبي، وفكره للتحنيط. 
وسيعلّبونه في أوعية من حديد، يصدأ العقل فيها ولا تصدأ.
ماذا...ماذا لو أخبرتك بأنّ الجنين الذي الآن في رحمي ليس، 
ولن يكون أبداً، لنا؟
أتعاتبني؟ أتجافيني؟ أتقول عنّي خائنة؟
نعم يا حبيبي، أنا خائنة.   
خائنة لأنني أقول الحقيقة. 
وأنا كافرة.  
كافرة كوني ما ارتضيتُ أن أعيش العمر في بطن حوت.
وأنا عاهرة. 
عاهرة لأنني تمرّدتُ على "سيّدي"، ووضعتُ جرح أمّتي على السكّين،
 وقلتُ:
"هذا الذي يوماً عبدته، وتعبدونه كل يوم، هو السكين!".
بل وماذا...ماذا لو قلت لك بأنّ كل من خرجَ وسيخرج من فتحة الشرج
 في وطني، قد عرّض نفسه مسبقاً، وبمشيئة "القدر" وبركاته، 
للسبي والاغتصاب؟

(اللعنة/ ربيع دهام)
google-playkhamsatmostaqltradent